html3

Atom 1.0: http://elwaha10.blogspot.com/feeds/posts/default RSS 2.0: http://elwaha10.blogspot.com/feeds/posts/default?

Friday, March 22, 2013

الكودية

                                                           

                                                              
  هذا القصر المعزول في ضاحية مصر الجديدة بعيد جدا عن المناطق المأهولة. والذي ما زال يحتفظ بهيبته وعظمته
 .كان القصر محاطا بحديقة غناء تحتوي على جميع ألأزهار والطيور التي بعضها نادر وبعضها حديث,وكان يبعد عن الطريق العادي ,ويقع على الطريق السريع وقد أحاطت به  قوات من الجيش تتقدمها أربع مدرعات وبعدها قوات من الأمن المركزي المدجج بجميع أنواع الأسلحة. وبالقرب منه تربض طائرتين حربيتين على أهبة الاستعداد للدفاع عن هذا القصر ومن بداخله. ويحوم فوقه بعض الطوافات العسكري"الطائرات المروحية" للدفاع عنه ومراقبة الحالة الأمنية له.
ثم فجأة تعن سيارة مسرعة فارهة عظيمة الأبهة تتوقف أمام القصر . فينتصب الجنود واقفين وكل قد أخذ وضع الاستعداد وقد أعدوا أسلحتهم للتعامل مع من تسول له نفسه أن يقارب فعلا مشينا بان يحاول الاعتداء عليه  أو معرفة من بداخل القصر. وينطلق صوت الضابط المسئول عن الأمن : "كما كنت " ثم يتقدم ناحية العربة مشدود القوام بخطوات عسكرية ثابتة ويفتح الباب فتنزل منها أمرآة وقد ضربت صدرها بيدها ثم تفلت في جيبها من الرعب قائلة  :"بسم الله  الرحمن الرحيم .شوف يا بيه انا ما عملتش حاجة هم اللي قالوا لي تعالي هنا علشان أطلع العمل ألأسود اللي على فلان .إلا مين اللي ها نطلع منه العمل يا باشا؟"
ابتسم الضابط بابتسامة مشوبة بالحزن وقال لها : "ما تخافيش يا خالة دي احتياطات أمن .أمال مين حضرتك؟"    
فردت مبتسمة :"حضرتي !والنبي لسانك بيسقط سكر .أنا خدامتك أم بيهجة "كودية الدقي المشهورة" جابني حزب الحرية والعدالة عشان اطلع العمل . إلا هو مين اللي ها نطلع له العمل؟"
رد الضابط بحزم وقد بانت على وجهه علامات الغضب:" كله في أوانه يا خالة!"
بعد قليل أتت عربة تحمل أناس يحملون بعض الدفوف وإناء من النحاس كبير لوضع البخور يسمونه مبخرة واناء أخر كبير لوضع دم القرابين الذين يذبحونها لتشرب منه المعمول لها العمل ويشرب منه الحاضرون والباقي تأخذه الكودية ومساعدوها. يقف الجنود على أهبة الاستعداد ثانية فيأمرهم الضابط بان يستريحوا. ينزل من العربة خمس رجال وهم مرعوبين فتأمرهم الكودية بان يدلفوا إلى القصر مسرعين.
يتقدم الضابط من الكودية ويسأل الكودية "بالمناسبة يا خالة ! يعني إيه كودية؟"
تبتسم أم بهيجة وتقول "الكودية يا باشا هي التي تقوم بإخراج العمل اللي معمول لفلان عن طريق الزار!"
 فيتبسم الضابط ووجه مشوب بالحزن ويقول: "وإنتي شغالة في الموضوع ده بقالك كتير؟"
قالت أم بهيجة :"أيوه من زمان!  ده أنا مشهوره عند الناس العليوي اللي فوق وبيجيبوني بالطلب"
 يقول الضابط :"ربنا يوفقك ! ممكن تتفضلي من هنا! " وأشار إلى باب القصر فتدخل أم بهيجة وتسأل احد الخدام :"يا خويا مين اللي ها عمل له أو لها زار؟"
قال الخادم : "بعدين ها تعرفي يا خالة!"
تجلس أم بهيجة ومعها معاونوها من الرجال . ثم  يسمعون صوت موتور عربة يتوقف فجأة فيحدث صوتا مرتفعا نتيجة سرعته العالية ثم توقفه الفجائي.
ثم يسمعون صوت الضابط يقول:" إتقضلي يا أم تامر! "
يدخل الخادم مسرعا ويأمر معاوني أم بهيجة بأن يذهبوا للصالة المجاورة
ثم تدخل أم تامر مسرعة من الباب وقد تلبستها حالة من الخوف والرعب وهي تقول :"إيه ده اللي بيحصل ده ؟"
ثم أردفت : "هو إحنا اللي ها نطلع العمل  اللي عليه أو عليها ولا هم اللي ها يطلعوه من علينا؟ . إيه الغلب ده يا ختي! "
ثم نظرت فرأت أم بهيجة تجلس فأقبلت إليها فرحة وقد زال عنها بعض الخوف وقالت : "أهلا أهلا والله أنت     وحشاني كتير! , فين بقالك زمن؟"
فتبتسم أم بهيجة وتقول : "هو إنت اللي بتسألي! .بس والله لما شفتك اتردت لي روحي. إلا بالمناسبة "انتي جاية ليه؟"
قالت أم تامر :"مش عارفة بس جالي واحد ملتحي من حزب اسمه ايه ده!. يوه قطيعه ! الواحد بيَنه كبر وخرف . حزب ...يا أم تامورة أيوة حزب النور بتاع المشايخ وقال لي : "تعالي معايا الحتة الفلاني علشان ها نطَلع العمل من على شخصية مهمة ,وسمعته بيقول إن ده مخالف لشرع ربنا ولولا الحزب البتاع ده !أيوه ! الحرية والعدالة ما كانش جابني . إلا يا ختي إحنا بنعمل حاجة وحشة ؟.هو احنا بنرقص والا بنشتغل ف الحاجة البطالة بتاعت أعوذ بالله الدعارة !؟"
قالت أم بهيجة : " لا والله لكنها فذلكة وأما بيزنقوا بييجو لينا ! وإزي حال الجيزة؟, والشغل عامل إيه؟"
فأقبلت أم بهيجة تهمس في أذنها :"والله عال العال .كنا فاكرين بعد اللي ما تتسمى الثورة وطلوع الجماعة الشيوخ دول إن الدنيا ها تقف ويحرموا علينا كل حاجة . لقيناهم بقم هم ف حيص بيص ,ورجال الأعمال بيشدوا شعرهم من وقف الحال ده. كل شوية يطلبوني عشان أعمل زار يوقف الجني اللي مسئول عن وقف الحال ,والصبايا يا ختي كل شوية ييجوا عندي عشان اعمل زار يتجوزوا, ما هو يا كبدي يا ختي الشبان مش لاقيه تشتغل والجيش بيوزع  ع الشركات كده من غير ما يسأل الشركة دي عاوزة قد ايه ؟,  والشركة دي مش عاوزة ؟ لما بقى شركات فيها تخمة من الموظفين اللي ما لهموش لازمة ,وشركات مش لاقية. يعني لو يوزعوهم حسب قدرة 
      الشركة مش يبقي أحسن! والحكومة تعمل مشاريع"  
 
قالت أم بهيجة :"هس ! الحيطان لها ودان وبلاش كلام ف السياسة إحنا ما زهقناش!. أحسن نشوف حالنا ونخليهم همَ يدشوا." ثم أكملت :"يعني الشغل عال؟ "
قالت أم تامر: "رضا . والحمد لله ., بس أنا زعلانة على مصر . لو الحال ده كان يبقى ومصر عفية كانت الدنيا بقت بمبي على رأي سعاد حسني !"
قالت أم بهيجة "الله يرحمها كانت دايماً بتعطف على خالاتنا اللي شربونا الكار قبل وبعد كل فيلم أو مسلسل"
فسئلت أم تامر: " وانتي الحال عامل إيه عندك؟"
ردت أم بهيجة وقالت: "والله رضا والحمد لله"
ثم سمعوا صوت كابح السيارات ثم بعد قليل يدخل جمع من الكوديات فيَقبلن يُقبِلنَ أم تامر وأم بهيجة. فتسألهن أم بهيجة بعد أن يعانقن بعضهن ويقبلن بعضهن البعض  "عن من أرسلهن؟"
فيجبن :"جبهة ألإنقاذ والأحزاب اللي اسمها اسمه الليبراااالللل!"
فتجيب أم تامر: "الليبرالية يا عينية. .يوه  قطيعة هم بيجيبوا الأسماء دي منين ؟. ده النبي عربي!"
ثم يسمعون صوت عربة تتوقف فجأة وتدخل عليهم الكودية "أم سامر"كودية الزمالك وهي موفدة وزارة الداخلية وقد تملكها حالة من الذعر فتهدأ قليلا عندما تراهن,ثم تدخل كوديات واحدة تلو الأخرى أو اثنتان أو أكثر مع بعضهن ,ثم تدخل أم أوفة كودية مصر الجديدة وهي موفدة وزارة الدفاع   وهي تقول "أعوذ بالله من الشيطان هو ده زار والا مذبحة الشيوخ لينا زي ما عمل الباشا ف المماليك !ده كل حزب جاب له كودية !"
ردت أم بهيجة : "لا مش ممكن والا ما كانتش جبهة الإنقاذ تجيب كودياتها هي رخرة وبعدين الأقمار والفضائيات بتصور"  فقالت أم أوفة :"أمال جيبنا كلنا ليه؟"
وفجأة يفتح الباب وتدخل أم عبد القادر كودية المغرب العربي وهي تسلم عليهن قائلة :"هو مين اللي ها نعمل له زار؟"
فتقول أم أوفة :"هس !ّ.أنا ها شوف !"
فتفتح الباب وتسلل وتصمت كل النساء ولكن أم بهيجة تهمس لهن :" لازم نتكلم و اللا ها يشكوا ف أمرنا. الا المساعدين بتوعنا فين؟"
فترد أم تامر: "ف الصالة اللي جانبينا "
فتقول أم بهيجة :"بس أنا فرحانة !"
فترد عليها أم تامر: " ليه ربنا يفرحنا كلنا"
فتقول أم بهيجة :"عشان الجماعة دول اتفقوا لأول مرة !ربنا يهدي سرهم "
ثم تسأل أم عبد القادر كودية المغرب"وإنتي مين اللي جابك ؟" 
 فترد :"الباشا الكبير! "
فتقول :"يا نهار أبيض!  والنبي !"
ثم فجأة يسمعن صريخا وأصواتا عالية في الصالة المجاورة فتخرج أم بهيجة مسرعة ليقابلها الضابط فتسأله لمن هذه الأصوات العالية؟"
فيجيبها بابتسامة مشوبة بالحيرة والحزن : "دول الحكومة وحزب الحرية والعدالة وحزب النور وجبهة الإنقاذ والأحزاب الليبرالية بيتخنقوا مين يدخل الكودية بتاعته الأول ومين تبقى الريسة ؟"
فترد أم بهيجة :"يا دي النيلة! هو أنا حسدتهم ولا إيه!!هم الجماعة دول ما يقدروش يستروا نفسهم شوية ويتحدوا مع بعض عشان خاطر البلد دي تمشي! طيب يسيبونا إحنا وإحنا نختار الريسة ونشتغل بقى !, وبعدين الريس مش هو الريس مايقولش ليه الكودية دي هي اللي تبدتي !يووه ! زهقتونا! مش إحنا ها نطلع العمل المعمول  بوقف الحال وا لا إيه كمان! "
فيرد عليها :"وقف الحال والجدل وزار عشان الشغل !"
فتقول له  وقد بدا على وجهها الاهتمام :"أيوه !بس ده ها يتكلف كتير!"
فيرد عليها : "أيوه يا ستي كله معمول له حسابه !"
فتقول له :" بس والنبي تقول ليهم لو ما سرعوش وخلونا نطلع الجني , العمل ها ينقلب علينا كلنا ويطلع علينا بسرعة ! أصله باين عمل صعب قوي والشخصية اللي عليها عظيمة قوي"
فيرد "أيوه يا خالة ! ممكن تستني مع زمايلك جوه شوية لغاية أما نندهلك!"
فترجع وهي حزينة وتقول :"الناس كلها بتعطل بعض !طب لو إحنا بنصحي ميتيين كنا صحناهم من بدري ! والله
يا ختي دي حاجة صعبة قوي ومش باين لها آخر!"
فتقول إحداهن :"ما تخديش ف بالك ما هو الريس لازم يصدر أوامره ويتمريس والا ما كانش فيه داعي للانتخابات دي ولا ديوله"
فترد الأخرى: "هس ! بلاش كلام ف السياسة ! يلا نغير الموضوع"
فتقول إحداهن :" إنتي طلبتي إيه قرابين للأسياد؟"
فترد :"أنا لما عرفت الشخصي كبيرة ومهمة طلبت حاجات صعبة ,طلبت تيران بقري بيضا !"
وقالت الأخرى  :"وأنا طلبت حمير فيها خط أبيض على رجليها الورانين!"
وقالت الثالثة :" وأنا طلبت فيل مغربي , آي والله العظيم فيل مغربي! والأفيال موجودة ف أفريقيا الجوانية!"
وقالت أخرى :" وأنا طلت عشر فراخ فيومي صفرا ورجلها بيضا !"
وتقول واحدة منهن :"وجابوهم كلهم يا ختي !"
فترد الأخرى:"كلهم ! "
ثم يسألن بعضهن البعض عن أحوالهن ويستمررن في الحديث حتى تدخل أم أوفة وقد خلعت طرحتها وتشددت بها وهي تصرخ وتقول :"يا لهوي ! ما كانش يومك يا ختي ! ده أنا أموت ولا أشوف اليوم ده أبدا!كله إلا دي .لا أنا ها مشي من هنا"
فيصمتن الكوديات جميعا وقد اتسعت حدقات أعينهن من الفزع .فتتقدم أم تامر وتقول: "فيه إيه يا ختي؟ .إحنا ها نخيب  ويجيبوا لينا اللي يطلع العمل مننا إحنا كمان ! و لا إيه ؟" 
فترد أم أوفة :"أصلك ما عرفتشي مين اللي ها نطلع له العمل؟"
قالت :"مين؟"
قالت :"مش قدرة أسرح  ليكوا روحوا شوفوا  " ثم تستمر في الصريخ والعويل.ويسود صمت رهيب حتى تقطعه أم تامر قائلة :" أنا ها أروح أشوف إيه الحكاية بنفسي!"
فتذهب أم تامر ثم تدخل صارخة وهي تولول بصوت عال :"ما كانش يومك يا ختي ! مش ممكن مش معقول! .لازم ده كابوس أو حلم فظيع! يا رب ليه ما أخذتنيش قبل اليوم ده ليه؟"
فتقول أم بهيجة :استغفري ربنا يا ختي ! كل مشكلة وليها حلال !"
فتصرخ أم أوفة :" لا !إلا دي لو ما إتفقوش ها تبقى ضلمة علينا كلنا! وبعدين أنا قلت لهم إن ما إبتديناش الزار  دلوقتي وطلعنا العمل الوحش ها يدمرنا كلنا !"  
وتقول أم تامر :" لا أنا ها أمشي! مش قاعده !دول ها يموتونا !لازم نعمل ثورة! هو إحنا اقل من بتوع الفيس ده! إسمه إيه؟"
ثم تصرخ ويدخل الضابط وهو يقول: "فيه إيه ؟ "
يصوب مسدسه نحوهن قائلا "دي مهمه خطيرة ووطنية لو ما عملتوهاش ها نروح كلنا ف داهية",
فترد أم بهيجة "لمين؟ للي جوه ! لا ده أنا أموت ولا أشوف اليوم ده! يالله يا حريم دول ها يموتونا !"
فتندفع الكوديات خارجة وهن يصرخن فيقابلهن الجنود يردن إيقافهن ولكنهن يصرخن فيهم "إن ما سيبتوناش! العمل اللي على اللي جوة ها يدمرنا كلنا ! أهربوا"
ولكنها كانت آخر كلمة فقد بانت بعافيتها وقد دمرت كل شيء . ثم تسأل كودية أختها  وكانتا قد بعدتا عن القصر بعد   أن أصابهما العقاب  وهما في النزع الأخير :"مييين   دي ي يا ختي؟"
فترد الأخرى :" دي ....م.. مصر. كانت عظيمة ف حياتها...... رهيبة ف انتقامها ونهايتها "   
   
     

   صور مصر,اجمل صور مصر,صور اثار مصرية,صور معالم مصر 2.jpg